فصل: الشاهد السادس والثمانون بعد المائتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء سقمان بن أرتق على ماردين وموته.

كان هذا الحصن في ديار بكر أقطعه السلطان بركيارق لمغن كان عنده وكان حواليها خلق كثير من الأكراد يغيرون عليها ويخيفون واتفق أن كربوقا خرج من الموصل لحصار آمد وكانت لبعض التركمان فاستنجد بسقمان فسار لانجاده ولقيه كربوقا ومعه زنكي بن اقسنقر وأصحابه وأبلوا ذلك اليوم بلاء شديدا فانهزم وأسر إبن أخيه ياقوتي بن ارتق فحبسه بقلعة ماردين عند المغني فبقي مدة محبوسا وكثر خروج الاكراد بنواحي ماردين فبعث ياقوتي إلى المغني يسأله أن يطلقه ويقيم عنده بالريف لدفاع الأكراد ففعل وصار يغير عليهم في سائر النواحي إلى خلاط وصار بعض أجناد القلعة يخرجون للاغارة فلا يهيجهم ثم حدثته نفسه بالتوثب على القلعة فقبض عليهم بعض الأيام بعد مرجعه من الاغارة ودنا من القلعة وعرضهم للقتل ان لم يفتحها أهلوهم ففتحوها وملكها وجمع الجموع وسار إلى نصيبين وإلى جزيرة ابن عمر وهي لجكرمس فكبسه جكرمس وأصحابه في الحرب سهم فقتله وبكاه جكرمش وكانت تحت ياقوتي بنت عمه سقمان فمضت إلى أبيها وجمعت التركمان وجاء بهم إلى نصيبين لطلب الثأر فبعث إليه جكرمش ما أرضاه من المال في ديته.
فرجع وأقام بماردين بعد ياقوتي أخوه على طاعة جكرمش وخرج منها لبعض المذاهب وكتب نائبه بها إلى عمه سقمان بأنه تملك ماردين على جكرمش فبادر إليها سقمان واستولى عليها وعوض عنها ابن أخيه جبل جور وأقامت ماردين في حكمه مع حصن كيفا واستضاف إليها نصيبين ثم بعث إليها فخر الملك بن عمار صاحب طرابلس يستنجده على الافرنج وكان استبد بها على الخلفاء العبيد بين أهل مصر وثار له الافرنج عندما ملكوا سواحل الشام فبعث بالصريخ إلى سقمان بن ارتق سنة ثمان وتسعين فأجابه وبينما هو يتجهز للمسير وافاه كتاب طغتكين صاحب دمشق المستبد بها موالي بني تتش يستدعيه لحضور وفاته خوفا على دمشق من الفرنج فأسرع السير معتزما على قصد طرابلس وبعدها دمشق فانتهى إلى القريتين وندم طغتكين على استدعائه وجعل يدبر الرأي مع أصحابه في صرفه ومات هو بالقريتين فكفاهم الله تعالى أمره وقد كان أصحابه عندما أيقن بالموت أشاروا عليه بالعود إلى كيفا فامتنع وقال هذا جهاد وإن مت كان لي ثواب شهيد.

.خروج منكبرس على السلطان محمد ونكبته.

كان منكبرس بن يورس بن البارسلان مقيما بأصبهان وانقطعت عنه المواد من السلطان فخرج إلى نهاوند ودعا لنفسه وكاتب الامراء بني برسق بخورستان يدعوهم إلى طاعته وكان أخوهم زنكين عند السلطان محمد فقبض عليه وكاتب إخوته في التدبير على منكبرس فأرسلوا إليه بالطاعة حتى جاءهم فقبضوا عليه بخوزستان وبعثوا به إلى أصبهان فاعتقل مع ابن عمه تتش وأطلق زنكين بن برسق وأعيد إلى مرتبته وكانت اقطاع بني برسق الاسير وسابور وخوزستان وغيرهما ما بين الاهواز وهمدان فعوضهم عنها بالدينور وأخرجهم من تلك الناحية والله تعالى أعلم.

.مقتل فخر الملك بن نظام الملك.

قد ذكرنا قبل أن فخر الملك بن نظام الملك كان وزيرا لتتش ثم حبسه ولما هزمه بركيارق ووجده في محبسه أطلقه وكان أخوه مؤيد الملك وزيرا له فمال إليه فخر الدولة بسعاية مجد الملك الباسلاني واستوزره سنة ثمان وثمانين ثم فارق وزارته ولحق بسنجر بن ملك شاه بخراسان فاستوزره فلما كان في آخر المائة الخامسة جاء باطني يتظلم إلى باب داره فأدخله يسمع شكواه فطعنه بخنجر فقتله وأمر السلطان سنجر بضربه فأقر على جماعة من الناس وقتل.

.ولاية جاولي سكاور على الموصل وموت جكرمش.

كان جاولي سكاور قد استولى على ما بين خوزستان وفارس فعمر قلاعها وحصنها وأساء السيرة في أهلها فلما استقل السلطان محمد بالملك خافه جاولي وأرسل السلطان إليه الأمير مودود بن أنوتكين فتحصن منه جاولي وحاصره مودود ثمانية أشهر ودس جاولي إلى السلطان بطلب غيره فأرسل إليه خاتمه مع أمير آخر فسار إليه بأصبهان وجهزه في العساكر لجهاد الافرنج بالشام واسترجاع البلاد منهم وكان جكرمش صاحب الموصل قد قطع الحمل فأقطع السلطان الموصل وديار بكر والجزيرة لجاولي فسار إلى الموصل وجعل طريقه على بغداد على البواريخ فاسباحها أياما ثم سار إلى أربل وكان صاحبها أبو الهيجاء بن برشك الكردي الهرباني إلى جكرمش يستحثه فسار في عسكر الموصل وألقوا قريبا من اريل فانهزم أصحاب جكرمش وكان يحمل في المحفة فقاتل عنده غلمانه وأحمد بن قاروت بك فخرج وإنهزم إلى الموصل ومات وجيء بجكرمش فحبسه ووصل من الغد إلى الموصل فولوا ازنكين بن جكرمش وأقام بالجزيرة وقام بأمره غزغلي مولى أبيه وفرق الاموال والخيول وكتب إلى قلج أرسلان صاحب بلاد الروم ميتا وكان قد شيد الموصل وبنى أسوارها وحصنها بالخندق وبينما هو كذلك سار إليه قلج ارسلان من بلاد الروم باستدعاء غزغلي كما تقدم وانتهى إلى نصيبين فرحل جاولي عن الموصل ثم جاء البرسقي شحنة بغداد ونزل عن الموصل وخاطبهم فلم يجيبوه فرجع من يومه وسار قلج ارسلان من نصيبين إلى الموصل وتأخر عنها جاولي إلى سنجار واجتمع أبو الغازي بن أرتق وجماعة من عسكر جكرمش وجاء جريح رضوان بن تتش من الشام على الافرنج فسار إلى الرحبة وبعث أهل الموصل وعسكر جكرمش إلى قلج أرسلان بنصيبين واستحلفوه فحلف وجاء إلى الموصل فملكها في منتصف ختام المائة الخامسة وخلع على ابن جكرمش وخطب لنفسه بعد الخليفة وقطع خطبة السلطان محمد وأحسن إلى العسكر وأخذ القلعة من غزغلي فولى جكرمش وأقر القاضي أبا محمد عبد الله بن القاسم الشهرزوري على القضاء وجعل الرياسة لأبي البركات محمد بن محمد بن خميس وكان في جملة فلهم أرسلان إبراهيم بن نيال التركماني صاحب آمد ومحمد بن حموا صاحب خرتبرت كان إبراهيم ابن نيال ولاة تتش على آمد فبقيت بيده وكان ابن حموا ملك خرتبرت من يد القلادروس ترجمان الروم كانت له الرها وانطاكية فملك سليمان قطلمس انطاكية وبقيت له الرها وخرتبرت وأسلم القلادروس على القيام بأعماله فملك محمد بن حموا خرتبرت وأسلم القلادروس فلما ولى فخر الدولة بن جهير ديار بكر ضعف القلادروس عن الرها على يد ملك شاه وأمره عليها ولما سار جاولي إلى الرحبة قاصدا رضوان بن تتش نزل عليها آخر رمضان من السنة وحاصرها وبها محمد بن السباق من بني شيبان ولاه عليها دقاق فاستبد بها وخطب لقلج أرسلان فحاصره جاولي وكتب إلى رضوان يستدعيه ويعده بالمسير معه لدفاع فجاء رضوان وحاصر معه الرحبة ثم دس إلى جاولي جماعة من حامية الأسوار فوثبوا بها وأدخلوا وملك البلد وأبقى على محمد الشيباني وسار معه ثم إن قلج أرسلان لما فرغ من أمر الموصل ولى عليها إبنه ملك شاه في عسكر ومعه أمير يدبره وسار إلى قتال جاولي ورجع عنه إبراهيم بن نيال إلى بلده آمدمن الخابور فبعث إلى بلده في الحشد فعاجله جاولي والتقوا في آخر ذي القعدة من السنة وانهزم أصحاب قلج أرسلان على دفاعه وأعاد الخطبة للسلطان واستصفى أصحاب جكرمش ثم سار إلى الجزيزة وبها جيش بن جكرمش ومعه غزغلي من موالي أبيه فحاصره مدة صالحه على سنة آلاف دينار ورجع إلى الموصل وأرسل ملك شاه من قلج أرسلان إلى السلطان محمد والله سبحانه وتعالى أعلم.